استثمار في الذهب | هل يُعد ملاذاً آمناً أم خياراً خاطئاً؟
استثمار في الذهب، زيادة جنونية في الأسعار، وعدم استقرار في الاقتصاد العالمي، وازدياد الشك في مستقبل الأسواق المالية، في ظل الاضطرابات التي يُعاني منها العالم مؤخراً والتي نجم عنها زرع بذرة الخوف والقلق في نفوس الكثيرين حول مستقبلهم المالي، وكعادة متوارثة من آلاف السنين هرولت الناس إلى استثمار نقودهم في الذهب كمحاولة للحفاظ على قيمة نقودهم نتيجة ايمانهم الشديد بكون الذهب أكثر الأصول أماناً، والذي يقوم بشراء الذهب الآن خاصةً في الأسواق الناشئة التي تواجه مستويات مرتفعة من التضخم وضغوط متزايدة على عملاتها، يقوم ذلك إيماناً منه أن الذهب سيقوم بحمايته من آثار التضخم وتقلبات أسعار الصرف، ولكن هل يُعد ذلك الاعتقاد صحيحا؟! من هو المتحكم في أسعار الذهب على المستوى المحلي والدولي؟ وما هي أفضل الطرق للاستثمار في الذهب؟ هذا ما سنتعرف عليه بالتفصيل عبر مقالة اليوم من موقع مليونير.
استثمار في الذهب – سبائك الذهب
تُعد سبائك الذهب افضل طرق استثمار في الذهب، حيث تُعد السبيكة قطعة من الذهب الخالص عيار 24 التي تتجاوز نسبة نقاؤه 99% وهذا يعني عدم وجود أية إضافات أو شوائب أخرى.
وزن سبائك الذهب
وتختلف أوزان تلك السبائك وتُعد أشهرهم السبيكة التي بوزن أوقية الذهب وهي 31.1 جرام، أما بالنسبة لصغار المستثمرين قد يصل وزن السبيكة إلى 5 أو 10 جرامات في بعض الدول، لا ننسى كبار المستثمرين حيث توجد سبائك وزن 50 جرام و100 جرام وربع كيلو أو نص كيلو أو كيلو.
أنواع سبائك الذهب
يُمكن تقسيم أنواع سبائك الذهب إلى نوعين أساسين كالتالي:
- السبائك المستورد: التي يستوردها التجار من الخارج والتي يُطلق عليها بُندقي مُستورد عيار 24.
- السبائك المحلية: والتي تصنع محلياً وتُسمى أيضاً بندقي مستورد محلي عيار 24.
- السبائك الشعبية: توجد في بعض الدول ويطلق عليها اسم سبيكة شعبي ولا ينصح عزيزي القارئ بشراء أي سبيكة غير مختومة ولا تحتوي على دمغة من قبل المصلحة الرئيسية المعنية بالمتابعة.
ويُسمح ببيع كل من السبائك المستوردة والمحلية إلى الجمهور بعد فحصهم ودمغهم وترقيمهم من قبل مصلحة الدمغة والموازين.
مميزات الاستثمار في سبائك الذهب
- مصنعية قليلة مُقارنةً بأي نوع آخر من أنواع الذهب، لأنك ستشري عزيزي القارئ ذهب صافي من عيار 24 غير مُعرض لأي تشكيل أو تغيير.
- استرداد 50% من ثمن المصنعية عند بيع السبيكة، فإذا قُمت عزيزي القارئ بشراء سبيكة وزنها 10 جرام بمتوسط 40 جنيه مصنعية وبالتالي فإن إجمالي المصنعية على 10 جرام 400 جنيه، وفي حالة بيعها السبيكة مرة أخرى سوف تقوم باسترداد 200 جنيه من المصنعية.
- ذهب خالص عيار 24 سنة خالي من أية شوائب أو إضافات وبالتالي عند بيعه سوف لن تخسر من وزنه شيئاً.
اقرأ أيضاً: ” أسباب فشل المشاريع الصغيرة | 10 أخطاء احذر من الوقوع فيها“
استثمار في الذهب – العملات الذهبية
يُعد الاستثمار في العملات الذهبية من أكثر طرق استثمار في الذهب شيوعاً، والمقصود هنا الجنيه الذهب والتي تصل به نسبة الذهب إلى 91.6% والنسبة المتبقية عبارة عن نحاس التي تسهل من نسبة التشكيل والطباعة على العملات الذهبية، فعلى سبيل المثال، يبلغ وزن الجنيه الذهب المُتداول في السوق المصري 8 جرام من عيار 21.
عيوب الاستثمار في العملات الذهبية.
- تكلفة مصنعية أعلى من السبائك.
- عدم استرداد أية نسبة من مصنعية العملات الذهبية على عكس السبائك التي تسترد 50% من قيمة المصنعية.
- انتشار بعض الغش في الأوزان لذا لابد من التأكد قبل الشراء من أن وزنه 8 جرام بالضبط وعليه دمغة عيار 21.
استثمار في الذهب – المشغولات الذهبية
يُعد الاستثمار في المشغولات الذهبية أحد أنواع الاستثمار في الذهب وتتوفر المشغولات الذهبية بالعيارات التالية:
- عيار 24 : والتي تصل نسبة نقاء الذهب به إلى 99% من الذهب الخالص.
- عيار 21 : والذي تصل نسبة نقاء الذهب به إلى 85% وتختلف المواد المُضافة من دولة إلى أخرى مثل النحاس والفضة في مصر، والزئبق في السعودية، والحديد في السودان، ويُعد أكثر العيارات شيوعاً وينصح العديد من الخبراء بشرائه.
- عيار 18 : الذي تصل نسبة نقاء الذهب به إلى 75%.
عيوب الاستثمار في المشغولات الذهبية
- يعتبر أغلب الخبراء أن شراء المشغولات الذهبية لا يُعد استثماراً.
- المصنعية العالية والتي تُعد من أبرز العيوب فعلى سبيل المثال إذا قُمت بشراء خاتم بمتوسط مصنعية 100 جنيه على الجرام الواحد وبعد فترة ارتفع سعر الذهب 100 جنيه فعند بيعه سيتساوى معك سعر البيع مع سعر الشراء وبالتالي لن تجني أية مكاسب.
- الفصوص الموجودة في بعض أنواع المشغولات الذهبية التي يخصم أغلب التجار ثمنها عند البيع على الرغم من احتسابها في الوزن عند الشراء وبالتالي فإنك خسرت ثمن الفصوص بالإضافة إلى المصنعية.
اقرأ أيضاً: “طرق كسب المال | أسهل الطرق لتحقيق الدخل للمبتدئين “
استثمار في الذهب – الذهب المُستعمل
يُعد الاستثمار في الذهب المُستعمل من أشكال استثمار في الذهب والمشهور باسم الذهب الكسر في السوق المصري وهذا يشمل كل من الذهب القديم والذهب الذي به عيب تم اصلاحه.
مميزات استثمار في الذهب المستعمل
- قيمة مصنعية أقل من الذهب الجديد حيث تصل مصنعيته إلى 20% من الذهب الجديد.
- الجمع بين ميزتي الزينة والخزينة.
عيوب استثمار في الذهب المستعمل
- عدم وجود فاتورة بالذهب المستعمل في أغلب الأحيان.
- ذهب مجهول المصدر بالنسبة للتاجر وبالتالي انخفاض فُرص بيعه.
اقرأ أيضاً: “مشاريع صغيرة مربحة للرجال بأقل رأس مال وأعلى عائد ربحي “
ما هي العوامل التي تؤثر على اسعار الذهب؟
على مر السنين، يُعامل الناس الذهب بطريقتين، إما أنها سلعة تُباع وتُشترى لذاتها، أو نقود تُستخدم كوسيلة تبادل، وكان ذلك وضع الذهب حتى بداية السبعينات، وفي أغسطس 1971 قام الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون بإلغاء قاعدة الذهب والتي كانت بمثابة حجر الزاوية للنظام النقدي العالمي.
ومن هذه اللحظة، تضائل دور الذهب في النظام النقدي، وبدأ الجميع يُعامل المعدن الأصفر على أنه سلعة بشكل أساسي مثله كمثل النفط، والغاز، والنحاس، والقمح وغيرها، ومع ذلك فإن الذهب له خصائصه الفريدة التي تُميزه عن غيره من أي سلعة أخرى في الكون، وليس المقصود هنا تفرد الذهب بخصائصه الفيزيائية والكيميائية، ولكن المقصد أن سوق الذهب يختلف عن غيره من الأسواق.
العرض والطلب
فمن المتعارف عليه أن العرض والطلب هو المُحرك الأساسي لسوق أي سلعة، فلو قررت شركة أوبك مثلاً أن تخفض انتاجها من النفط إلى النصف فسوف تبلغ أسعار النفط عنان السماء، لأن العرض سيقل بشكل كبير، وعلى النقيض لو قرر العالم أن يُحجم من نشاطه الاقتصادي كما حدث في أزمة كورونا سيشهد السعر انحداراً كبيراً في أسعاره وذلك لانخفاض الطلب.
والذي يجعل النفط سلعة حساسة جداً للعرض والطلب هو أن النفط يتم استهلاكه ولا يبقى منه شيئاً تقريباً، كما أن سعة تخزين النفط محدودة جداً، وهذا يهيمن من سلطة المُنتجين على السوق، وعلى النقيض، فإن الذهب لا يُستهلك حيث يقوم الناس بشرائه للاحتفاظ به، لذلك تشير إحدى الاحصائيات على أن كل الذهب الذي تم استخراجه منذ بداية البشرية ما زال موجوداً إلى وقتنا الحالي.
كما أن مخزون الذهب لدى المستهلكين أكبر بكثير من الكمية التي يتم استخراجها من المناجم وتصنيعها، وهذا يجعل سوق الذهب لا يتأثر بحجم العرض والطلب على خلاف الأسواق الأخرى، وهذا الخطأ يقع به أغلب المُحللين الذين يتوقعون أسعار الذهب بناءً على حجم المعروض الجديد من المناجم أو على حجم الطلب من البنوك المركزية على سبيل المثال.
توقعات الناس لتصرفات الغير
يُعد توقعات الناس لتصرفات الغير من أهم العوامل التي تؤثر على اسعار الذهب، حيث قام عالم الاقتصاد البريطاني جون مينارد كينز بشرح هذه النقطة في كتابه الشهير الذي صدر عام 1936 تحت عنوان النظرية العامة للتوظيف والفائدة والنقد، حيث شرح كينز كيفية تحكم مسابقة الجمال في الأسواق المالية.
حيث قام بضرب مثل حول إحدى المسابقات التي قامت بها إحدى الصحف لقرائها، وفي هذه المسابقة قامت الجريدة بعرض 100 وجه، وطلبت من القراء انتقاء أجمل 6 وجوه من وجهة نظرهم، والذي سيكسب في هذه المسابقة هو القارئ الذي سيختار أجمل 6 وجوه تكررت مع باقي القراء.
ووقع أغلب الناس في خطأ اختيار أجمل 6 وجوه من وجهة نظره الخاصة، وهذه طبعاً استراتيجية فاشلة، حيث يكمن مفتاح النجاح في المُسابقة في اختيار أجمل 6 وجوه من وجهة نظر الغير، حيث يكمن الهدف الأساسي هنا في الفوز بالمسابقة وليس اختيار الوجوه الأجمل من وجهة نظرك الخاصة، فما فائدة وجهة نظرك إذا كانت ستعود عليك بالخسارة والفشل؟!
وهذا بالضبط عزيزي القارئ هو المتحكم الأساسي في سوق الذهب، حيث أن تقديرك الشخصي ليس هو المُتحكم في أسعار الذهب وإنما تقدير المجموعة لقيمته، فقد ترى عزيزي القارئ من وجهة نظرك أن سعر الذهب في السوق المحلي غير منطقي ومُبالغ فيه بشكل كبير، ومع ذلك فإن وجهة نظرك لا قيمة لها على الإطلاق حتى ولو كانت صحيحة إذا كان رأي المستثمرين في السوق عكس ذلك.
وهنا أمامك عزيزي القارئ طريق من الاثنين كمستثمر، إما أن تتمسك برأيك وتحجم عن الدخول في السوق لأنك مؤمن بأن السعر الحالي غير منطقي وكل أولئك المستثمرين الذين يعتقدون عكس ذلك لا يفقهون شيئاً وبالتالي تمتنع عن الشراء، وفي هذه الحالة لن يتأثر السوق مُطلقاً بقرارك الشخصي وسيظل السعر في ازدياد مُستمر طالما أن أغلب المستثمرين في السوق في إقبال مُستمر على الشراء ويسيرون في عكس اتجاهك حتى لو كانت تلك الأغلبية مُخطئين ولا يفقهون شيئاً.
وفي هذه الحالة، ليس من الضروري أن تُفكر في مدى صحة رأيك الخاص وإنما تُفكر في طريقة تفكير باقي المستثمرين في السوق.
اقرأ أيضاً: “مشاريع استثمارية | 15 فكرة استثمارية بعوائد خيالية “
نصائح عند شراء الذهب
إذا فكرت عزيزي القارئ في شراء الذهب، فإليك بعض النصائح الهامة:
- الشراء من مكان موثوق.
- متابعة السعر العالمي والمحلي للذهب.
- عدم شراء أية قطعة ذهبية لا تجتوي على دمغة مصلحة الدمغة والموازين.
- الشراء بفاتورة ضريبية وليس بيان أسعار.
- التأكد من تطابق مواصفات الذهب المُشتري مع الفاتورة.
- الذهاب إلى مصلحة الدمغة والموازين في حالة شكك في الختم الموجود على السبيكة.
كيفية حساب سعر الذهب
يُمكن حساب سعر الذهب بمُعادلة بسيطة كالتالي:
سعر الذهب= سعر الجرام+ سعر المصنعية+ سعر الدمغة والضريبة.
ومن ثم ضرب الناتج في اجمالي عدد الجرامات لنحصل على إجمالي سعر القطعة الذهبية.
هل يُعد الذهب ملاذاً آمناً أم خياراً خاطئاً؟
خلال الأزمات الاقتصادية الصعبة، يميل المستثمرون إلى الاستثمار في الذهب، وفي عام 2008 ارتفع سعر الذهب بنسبة 60% تقريباً، وخلال فترة التضخم في أمريكا خلال السبعينيات من 35 دولاراً للأونصة إلى 850 دولاراً للأونصة، ولكن ذلك لم يحدث خلال وقت كورونا أو غزو أوكرانيا، لماذا؟
خلال جائحة كورونا مع توفر السيولة توجهت أغلب الاستثمارات إلى الاستثمارات عالية المخاطر مثل الأسهم وبتكوين، وفي المقابل حقق الذهب ارتفاعاً قياسياً خلال غزو أوكرانيا تجاوز فيه 2000 دولار ولكنه فقد أكثر من 20% خلال سبعة أشهر بعد الغزو متأثراً بارتفاع أسعار الفائدة في البنوك المركزية، ولكن هل هذا يعني أن المحافظ الاستثمارية ستتخلى عن الذهب؟
الخلاصة في أن الذهب ليس دائماً هو الملاذ الآمن للاستثمار ولكن الخبراء ينصحون دائماً بالاحتفاظ بحوالي 10% من الذهب في المحفظة ولكن الأمر الأهم كما هو الحال في أي استثمار هو اجراء تحليل دائم للأمور الاقتصادية قبل اتخاذ أية قرارات.
وفي ختام مقال استثمار في الذهب، إذا لم تجد وسيلة لمضاعفة الأموال ، فسوف تستيقظ ذات يوم لتدرك أن المال الذي كنت تعتقد أنه لديك قد انتهى، الاستثمار هو المفتاح، ويُعد الذهب إحدى الطرق التي يُمكن أن تستثمر فيها أموالك وحمايتها من التضخم الاقتصادي خاصةً في ظل الظروف الاقتصادية التي يمر بها العالم اليوم والذي يُعد الفائز الوحيد فيها هو الذي وضع كل فلوسه في الذهب.